التعرف على الشعر الشعبي المغربي(الزجل)

التعرف على الشعر الشعبي المغربي(الزجل)

يحتل الشعر الشعبي المغربي بالاضافة الى فن الرواية و الاسطورة مكانة مركزية ضمن التقاليد الشفاهية وبالاضافة أيضا الى جانب الشعر الكلاسيكي اد حافظ على عالميته الخاصة,ففي هدا الاطار تندرج عطاءات سيدي عبد الرحمان المجدوب التي سقتها آنفا,كما أن أجيالا من الشعراء الدين ينظمون قصائدهم بتمازيغت أو العربية العامية قد افرزوا تعبيرات شعبية في منتهى الثراء.

وقد انضاف الى الرصيد البربري,مند القرنين الحادي عشر و الثاني عشر على الخصوص,بموازاة اتساع صيرورة تعريب البلاد,تعبير شعري مصاغ بلغة عربية لم ترق دوما النخبة العالمة.

وقد أشار ابن خلدون بنوع من التعاطف الى شعر بني هلال الدي لم يكن الفقهاء يجرؤون على تدوينه كما هو,منادرا ما نعثر على بقايا مكتوبة من اللغة و الأدب الشعبي لتلك الحقبة, كمثل تلك التي خلفها أحد المثقفين الزغالي أبو يحي,الدي كان يدون الحكايات والأمثال وقد توفي سنة 1296.

ومن بين ألوان الشعر الأكثر قدما والأكثر فنية,نجد الموشحات والزجل,التي برزت في الأندلس والمغرب العربي في عهد الموحدين والتي كان لها اشعاع كبير) بالتوازي مع الموسيقى(, حسب ما اورده الباحث التونسي محمود كطاط,الدي كرس لدلك كتابا بعنوان" الموسيقى الكلاسيكية بالمغرب العربي" ,فقد أقام الموشح قطيعة مع القصيدة الكلاسيكية وعروضها الصارم فأصبع ايقاعه حرا أكثر,وان كان يخضع لمتطلبات اللحن الموسيقي الدي كان وثيق الارتباط به, تتناول موضوعات الموشحات الخمر, الحب والجنس كما تتعرض القضايا التاريخية أو الروحية أو الأخلاقية, ويدكر الكطاط ان اكثر ما يميز هدا الشعر عن غيره, هو تعرضه بحيوية بارزة لوصف العالم المادي.

أما الزجل فهو متفرع عن الموشح الدي يختلف عنه باستخدامه بشكل شبه كلي للعربية الدارجة,والدي يتسم بشعبية كبيرة لدى الشرائح الاجتماعية,ففي القرن الرابع عشر برز لسان الدين الخطيب كأحد كتاب الزجل الكبار.

أما الملحون فقد ابتكره شعراء مغاربة شعبيون,فنجد من بينهم الكفيف )الزرهوني في عهد المرنيين( و المغراوي توفي سنة 1605 وهو صحراوي الاصل والدي كان نت ابرزهم, وسيدي قدورالعلمي)نهاية القرن الثامن عشر(الدي تغنى بالحب الصوفي والضواييف,توفي سنة1820... وكلهم ينحدرون من السلالة الطويلة التي مكنت هدا اللون الشعري من الخلود,فحسب محمد الفاسي الدي انصبت أبحاته في هدا الموضوع,عرف الملحون مرحلة ازدهار هائل على عهد السلطان محمد الرابع([color=white]1859-1873)الدي كان بداته شاعرا و نصيرا للآداب,كما صينت أشعار مثيلة بالأمازيغية كمثل القصائد التي تحكي أسطورة المدينة المجيدة التي آلت الى الزوال في سوس," تمدوت" أو " أقا",و أساطير عديدة أخرى.

ويكشف الشعر الشعبي سواء أكان العربية الدارجة أو الأمازيغية عن سمات متاهية جوهرية,ان تغنى بالحب أو بالأولياء, ان تناول الفراق أة عرض لا مال أو احداث علاوة على التجوال و الترحال فهدا راجع الى وضعية الشاعر,فلدا المجدوب كما هو الشأن في الأشعار الأمازيغية,يتم دكر مختلف جهات البلاد بعجالة واقتضاب فيقول أحدهم مثلا ":حبيت فاس العلم, وتساوت المياه,وسوس الشعر"

لقد حمل التقاليد الشفاهية ونقلها الرواة وظلوا يصونونهافقد كنا نشهد تطورا تبدو فيه الأغنية أكثر قدرة على الصمود وضمان الانخراط الشعبي فالشهرة الباهرة التي نالتها بعض المجموعات كمثل ناس الغيوان,جيل جيلالة وازنزارن,تثبت دلك بما يدع مجالا للشك, اد من خلال الأغنية استعاد الشعر الشعبي قدرة التأثير والفعل.

بيد أن التقاليد الشفوية المغربية مازالت تنتظر اعادة الاعتبار لها وايلاءها التقدير والاهتمام المستحقين,الأمر الذي يقتضي جهودا حقيقية لتجميعها وإخضاعها لدراسات معقمة بواسطة مقاربات ومناهج متجددة,فليس بوسع أي استلهام أصيل من هدا التراث الشعبي بفنونه المتنوعة أن يقتصر على التقليد السطحي,بل ينبغي أن يبعث الإبداع الخلاق الدي حرك الرموز والصور النابع من صلب الحداثة الدائمة.