منتديات لحن المفارق
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى ثقافي اسلامي ترفيهي رياضي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الأبـــــــــــوة *ملف كامل*

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:39 pm



الأبــــــــــــــــــوة




1 - الافتــتاحية

2 -الآباء والأبناء في الإسلام

3 - حقوق الولد على الوالد


4 - مسؤولية الأب في التعليم والتأديب

5 - صورة من حب الآباء وكيف يبرهم الأبناء

6 - ماذا يفتقد الآباء بعد أن يكبر الأبناء

7 - أبوة الرسول صلى الله عليه وسلم

8 - آباؤنا في البيوت

9 - حقوق الأب

10 - من حقوق الأب المادية

11 - الأب مشغول .. والأم في الأسواق



الافتــــتاحية


للأب في الشريعة الإسلامية مكانة عظيمة وجليلة ، جديرة بأن تسمى

(( قصة الأبوة ))

حيث نجد صورة رائعة مكتملة الملامح

لـ (( الآباء والأبناء في الإسلام ))

ولقد كانت (( أبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ))

– بآبائنا وأمهاتنا هو –

النموذج الأكمل والأمثل ، ولذلك كان خيرَ أسوة .

ولا غرو في ذلك ؛ فالأب هو القائم على الأسرة ، الراعي لها ،

ومسؤول عن رعايتها وعن استقامتها على منهج الله عز وجل ، لذلك وجبت

(( حقوق للولد على الوالد )) .
و
(( مسؤولية الأب في التعليم والتأديب ))

مسؤولية جسيمة تقع على عاتقه

فإذا أحسن القيام بها وأولاها حقها وجبت له

(( حقوق معنوية وحقوق مالية ))

وجوباً شرعياً وإنسانياً .

وكعادتنا في الانطلاق من واقع المجتمع نعالج مشاكله ،

ونحاول توصيف أسبابها لنقدم - ما استطعنا - العلاج الذي نراه أمثل ،

نفتح نافذة على

(( آبائنا في البيوت ))

لنظهر بعض المشاكل ونعالجها راجين النفع والأجر

ع




تابع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:41 pm



الآباء والأبناء في الإسلام

د. محمد لطفي الصباغ




إنّ حب الأولاد ، والرغبة في الاستكثار منهم ، أمرٌ مغروس في النفس البشـرية ،
فترى الإنسان يبتهج لقدوم الولد ، ويسعد لسعادته ،
ويحس بوجوده بمعنى الحياة ،
ويتقوى بالولد ويعتز ويمنّي نفسه بالمستقبل الزاهر ،
والعزّ الضخم والجاه العريض. قال تعالى :

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ
وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }
(14) سورة آل عمران

فالأولاد من متاع الدنيا، وهم زينة الحياة الدنيا.

{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا }

(46) سورة الكهف

ويدعو بعض الباحثين حبّ البنين والرغبة في الاستكثار منهم بـ"غريزة الامتداد في الذراري والأحفاد )
وذلك لأن آمال الإنسان تضيق عنها الستون أو السبعون من السنين ،
فيتطلع المرء إلى أن يخلفه ابنٌ ينسب إليه فيحيي ذكره،
ويمتد بالحياة بسببه ولو كان في عالم الأموات ،
وهذه الغريزة يستوي فيها الناس جميعاً فقيرهم وغنيهم.
وهي من نعم الله التي امـتن بها على عبـاده فقال :

{ وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ * أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِين * وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }
( 132 – 133 - 134) سورة الشعراء

وإمتنَّ بها على بني إسرائيل فقال :

{ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا }
(6) سورة الإسراء

والإسلام دين الفطرة يحرص على إبقائها نقية خالصة ،
لا تشوبها شائبة ، ولا يعكر صفوها دخيلٌ ، وهو في الوقت ذاته لم يصادم الغرائز ،

-ولكنه يرتقي بها ويوظفـها لتكون في خدمة المُثل،
ومن أجل بناء الفرد الصالح والبيت الصالح والمجتمع الصالح.
وقد دعا إلى الوفاء والبر عامة ، وخص الوالدين بمزيد من الأمر بالوفـاء لهما والبر بهما ،
رعاية لهما في حالة شيخوختهما وضعفهما .
هذا الموضوع يتجلى فيه بوضوح الإحكامُ
_ الرائع الذي تميزت به شريعة القرآن_
فلم يهمل جانباً ، ولم يُسرف في جانب .
وللنظر بإيجاز إلى معالم هذا الموقف الرباني العظيم .
طالب الإسلام المكلف الذي سيكون أباً بتقدير الأبوة حق قدرها قبل أن يتزوج ،
ورغَّب إليه أن يتخير الزوجة الصالحة .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ تنكح المرأة لأربع : لمالهـا ، ولحسبها ، ولجمالهـا ، ولدينها ، فاظفر بذات الدين ، تَربت يداك ] .
رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. ورواه أحمد عن أبي سعيد الخدري بلفظ :

تنكح المرأة على إحدى خصال: لجمالها ومالها وخلقها ودينها ، فعليك بذات الدين تربت يمينك .

وقد أثبتت البحوث العلمية أن الجنين تنحدر إليه بعض الصفات الخلقية والنفسية من ناحية الأبوين ،
وأنه ينطوي عليها اضطرارياً ، وقد يبلغ الجد الرابع ، فالعرق دساس ، والوراثة أمر محقق علمياً .
ومن طريف ما سمعت أن رجلاً كان يشكو لصديقه عقوق ولده ،
وسوء معاملته ، ودناءة طبعه فقال :
لا تلُم أحـداً .. لكن توجه باللوم إلى نفسك ، لأنك لم تتخير أمه .
وقديماً قيل : كادت المرأة أن تلد أخاها .
وهنا تأتي الاستشارة والاستخارة بعد البحث والتخير ،
ولا يجوز أن يغامر الفتى في هذا الأمر بسرعة دون أن يستشير أهله وذوي المعرفة ،
ويستخير الله تعالى .
وإذا كان ذلك مطلوباً في الماضي فإن طلبه الآن أشد تأكداً ،
لأن ممارسة المرء لحقه في الطلاق كانت في الإطار الإسلامي المشروع ،
أما الآن فقد أضحى الأمر مختلفاً، وغدا التسرع في الإقـدام على هذه الخطوة - دون بحث واختيار ،
واستـشارة واستخارة - ،
ورطة تجلب الشقاء والتعاسة ، وتوجب الندم ، ولات ساعة مندم .
ثم بعد أن يُولد أوجب الشرع على والده المحافظة على حياته ذكراً كان أم أُنثى ،
وحرم قتله فقال تعالى:

{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ }
(151) سورة الأنعام


وقال تعالى :
{ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم }
(31) سورة الإسراء


فحرم القتل من الفقر القـائم ، أو خشية الفقر المتوقع ، وتكفَّل جل وعز برزقهم ورزق الآباء .

وقد روى البخاري عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
(12) سورة الممتحنة

قال عروة : قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم :
بايعتـك كلاماً ، والله ما مست يدهُ يد امرأة في المبايعة قط ، ما يبايعهن إلا بقوله قد بايعتك على ذلك .
ثم أمر الإسلام الأب أن يُحسن تسميته، وأوجب رعايته والقيام بشؤونه من إرضاع وكسوة ،
وكل ما يحتـاج إليه قال تعـالى :

{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ }

(233) سورة البقرة

ثم أوجب عليه الشرع أن يربيه التربيـة الفاضـلة فيعلمه ما يجب عليه من أمور دينه،
ويأمره بالصلاة لسبع ويضربه عليها لعشر، ويفرق بينه وبين إخـوته في المضـاجع ،
ويحـذره من التهـاون في حقه ،

{ يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ } (11) سورة النساء

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ كفى بالمرء إثماً يضيع من يعول ] . رواه الحاكم.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع ، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ] .
رواه ابن حبان.

وعن ابن عمر أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

[ كلكم راع ومسؤول عن رعيـته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيـته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها ، والخادم راعٍ في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته ] .
رواه البخاري ومسلم.

وقد يتعارض الحب والحنان مع المسؤولية والتربية ،
وهنا يأتي التحذير من الضعف أمام الواجب ، والاستسلام للعاطفة ، ونسيان المصلحة الكبرى .
إن الدواء قد يكون مُرَّاً ، فإذا غلبت النظرة السطحية ،
وامتنع عن تناوله تفاقم المرض وصعب الشفاء ، وقد ينتهي إلى الهلاك،
وكذلك إجـراء العملية الجراحية لاستئصال عضو مؤلمة أشد الإيلام ،
ولكن يتحمل العاقل آلامها لينـعم بالراحة والشفاء فيما بعد .
والأنبياء فُطروا على حب الأولاد ، وابتغاء الخير لهم ، شأنهم في ذلك كشأن الناس
فهذا نوح عليه السلام قد عقّه ابنه بالكفر ، وعانده ، ولم يستجب لدعوته،
وركب رأسه متحيزاً إلى فئـة الكفر ، لكنه عندما أراد عليه السـلام أن يركب السفينة
تحركت في نفسه عاطفة الأبوة قائلاً

-كما يذكر القرآن –

{ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ}
( 42 - 43 ) سورة هود

ويبدو أن الحزن خامر قلب الوالد الرؤوف الرحيم على فلذة كبده ، وهو يراه من الهلكى المغرقين

{ وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ }

(45 - 46) سورة هود

وسرعان ما آب الأب إلى الحق مستـغفراً ، ولجأ إلى الله تائباً

{ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ }

(47) سورة هود

لا يجوز أن تغير العاطفة حقيقة العلاقة بين المسلمين ،
فابن نوح ليس من أهله ، لأنه عمل عملاً غير صالح ، فالأهـل - عند الله تعالى وفي دينه وميزانه –
ليسوا قرابة الدم ، وإنما قرابة العقيـدة . وهذا الولد لم يكن مؤمناً ،
فليس إذن من أهله ، وهو النبي المؤمن .
وهذا إبراهيم عليه السلام عندما سمع إكرام الله وتبشيره إياه بإمامة الناس
أراد أن تكون هذه الإمامة في ذريته ، فجاء التقرير الرباني على نحو ما نقرأ في كتاب الله :

{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }

(124) سورة البقرة

وكذلك فإن سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما كان يدعو ربه
كان يشرك أولاده معه في هذا الدعاء :

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ }

(35) سورة إبراهيم

إزاء هذا الفيض من العاطفة ، والسيل المتدفق من الحنان، والميل الشديد لاسترضاء الأولاد ،
وإدخال السرور عليهم وقف الإسلام وقفة المذكر المنبـه الكابح،
إذ إن هذا الحنان وهاتيك العاطفة قد تنسيان الأب مهمته في التوجيه والتربيـة ،
فينقلب عندئذٍ إلى منفّذ لأوامر أطفال صغار ، ومسارع في تحقيـق رغبات هؤلاء الذين لا يعرفون من الحياة شيئاً ،
ولا يدرون ما ينفعهم وما يضرهم .
إن كثيراً من أجيال المسلمين اليوم في عدد من بلاد الإسلام
لم يجدوا في والديهم إلا الحنان المحض أو الإهمال اللامبالي ..
من أجل ذلك تجد في صفات كثير من مسلمي اليوم الميوعة والضعف والانهزامية واللامبالاة .
وعندما كان الرجل في سابق الأيام مسيطراً على البيـت ،
كانت شدته وصلابته تخففان من لين الوالدة ، وتكفكفان من تدليلها الأولاد .
أما بعد أن استنوق الجمل في كثير من الأوساط ،
وأصبح الرجل في بيوت هذه الأوساط لا مهمة له إلا القيام بالخدمات ،
وجلب الأغراض والحاجيات ، ودفع الفلوس والنفقات ،
ولم يعد يملك من أمر بيته إلا اليسير التافه ، كان هذا الجيل المائع المنهار .

كان الإسلام في أحكامه وتشريعاته محذراً الآباء ومُنبهاً إياهم إلى أمور :
1.منها أن البنين وإن كانوا هم زينة الحياة الدنيا
إلا أن هناك ما هو خير منهم .. هناك الباقيات الصالحات ،

قال تعالى :

{ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا }

(46) سورة الكهف
وتشرح آية أخـرى هذا الأمر على النحو الآتي :

{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }

(14- 15) سورة آل عمران }

فالجنات والأزواج المطهرة والرضوان من الله خير من كل تلك الشهوات التي كان منها شهوة البنين .

وجاء في كتاب الله تعالى التنبـيه على يوم القيامة بالخصوص ،
ذاك اليوم الذي لا ينفع هؤلاء الأولاد آباءهم شيئاً :

{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم ٍ}

( 88 - 89) سورة الشعراء

إن الأولاد لا يقربون إلى الله زُلفى إن لم يكن هناك عمل صالح :

{ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى }

(37) سورة سبأ

إن الميزان يوم القيامة ميزانٌ لا يعبأ بما تعـارف عليه الناس في دنيـاهم من روابط وعلاقات وقيم ،
وإن المـرء لا ينفعه في ذاك اليوم الرهيب إلا ما قدّم من الأعمال الصالحة :

{ لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

(3) سورة الممتحنة

2. التهديد الشديد ، والوعيد المخيف لمن يقـدم أولاده في المحبة على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
والجهاد في سبيله ،
قال تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاء إَنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }

( 23 - 24) سورة التوبة

وإنه لتهديد يخلع القلوب ويذهب بالألباب .
3. التحذير من فتنة المال والأولاد ، والتحذير من أن تلهي المـرءَ أموالُه وأولاده عن ذكر الله ،
فقد ينتهي المرء أحياناً إلى الكفر بسبب ولده ..
قد ينتهي إلى المعصية والتقصير والتقاعس عن القيام بالواجب .
وقد رأينا في واقعنا ناساً كانوا طيبين ، حملتهم عاطفة المسايرة لأولادهم على تأييد الباطل ضد الحق ،
ونصرة الكفرة على المسلمين ،
لأن أولادهم قد ضلوا عن سواء السبيل ، وانحازوا إلى جانب الانحراف .
وقص الله تبارك وتعالى علينا في قصة موسى مع العبد الصـالح ، فقال عز وجل :

{ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا * فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا }

(80 - 81) سورة الكهف

لقد حذرنا الله سبحانه من الانسياق وراء الأولاد ، متخطين حدود الله ، فذكر أن منهم أعداء فقال :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }

(14- 15 ) سورة التغابن

فالأزواج والأولاد قد يكونون مشغلةً وملهاةُ عن ذكر الله ،
كما أنهم قد يكونون دافعاً للتقصير في تبعات الإيمان .
والمجـاهد في سبيل الله يتعرض لخسـارة الكثير وتضحية الكثير ،
كما يتعرض هو وأهله للعنت ، وقد يتحمل العنت في نفسه ولا يحتمله في زوجـه وولده فيبـخل ويجبن
ليوفر لهم الأمن والقرار أو المتاع والمال، فيكونون عـدواً له ،
لأنهم صدوه عن الخير، وأعاقوه عن تحقيـق غاية وجوده الإنساني العليا ،
وقد اعترف بعض المتقدمين بأن الذي زين له القعود عن الجهاد والحرب بناته الضعيفات ،
فقال :

doPoem(0)
لقـد زاد الحيـاة إلـيّ حبـاً بناتي إنهـنّ مـن الضعـافِ
أحاذر أن يرين الفقر بعـدي وأن يشربن رنقاً بعد صـافِ
وأن يعرين إن كُسي الجواري فتنبو العين عن كرم عجـافِ
أبانا مَن لنا إن غبـت عنّـا وصار الحيّ بعدك في اختلاف
ولولا ذاك قد سومت مُهـري وللرحمن في الضعفاء كـاف


وحذرنا جل جلاله من أن تلهينا أموالنا وأولادنا عن ذكره سبحانه ،
وعدّ من يفعل ذلك خاسراً ، فقال :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }

(9) سورة المنافقون

وإننا لنبصر في واقعنا حال كثير من هؤلاء الآباء الذين تلهيـهم أموالهم وأولادهم عن ذكر الله
كيف يخسرون الهدوء والطمأنينة ، والراحة والسعادة ، يخسرون ذلك في سن الشباب والكهولة ،
ثم هم بعد أن تتقدم بهم السن لا يستطيعون أن يتنعموا بالأموال التي جمعوها ،
وقد ينساهم أبناؤهم ولا يلتفتون إليهم .
سمعت أن واحداً من هؤلاء الساقطين من الأبناء حمل أباه إلى مأوى العجزة
لكيلا يضايقه أو يزعج زوجته ،
وأعرف آخر أرسله أبوه إلى ديار الغرب ليدرس ويعود،
وكان يؤثره بالمبلغ الذي يطلبه ، ويؤثره على نفسـه ودوائه وطعامه ،
فلما تخرج تزوج من تلك البلاد واستقر هناك ..
ولم يأت ليرى أباه على فراش المرض يودع الحياة .
أيّ خُسران في الدنيا أكبر من هذا ؟!! وأما في الآخرة فإنهم صائرون إلى عالم الغيب والشهادة ،
شديد العقاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون .
4. الترغيب في تربيتهم تربية إسلامية حتى يكونوا ناسـاً صالحين ،
وإنهم عندئذ سيتذكرون آباءهم بالدعوات الصالحة،
ويمتثلون أمر الله

{ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:45 pm



حقوق الولد على الوالد

عدنان حسن باحارث.





1 - مراعاة الزوجة أثناء الحمل

2 - إثبات النسب

3 -الأذان في أذن المولود

4 - التحنيك

5 - التسمية

6 - العقيقة

7- الحلق

8 - الختان


مراعاة الزوجة أثناء الحمل :

تشعر المرأة الحامل بتغيـيرات نفسـية مفاجئة ، فتشعر بالسعادة أحياناً ،
وبالكآبة أحياناً أخـرى ، وتعيش في جـو من التأرجح العاطفي المتقلب ،
وهذا طبيعي عند النساء الحوامل ،
لهذا كان واجبـاً على الأب أن يراعي الحالة النفسية
التي تعيشها الأم، فتحاط بالحنان والرعاية ،
كما أن حالتها النفسية في الشهر الثامن خاصة قبل الولادة بشهر تقريباً ،
تكون أكثر سوءاً من الأشهر الأخرى،
لذا وجب على الأب مضاعفة صبره وجهده معها بأن يجنبها كل ما يمكن أن يسوقها إلى الانفعال والضيق
إذ إن الانفعالات الحادة والتوترات العصبية والنفسية للأم يمكن أن تنتقل إلى الجنين

فقد ثبت علميّاً أن الجنين يتأثر بمرض الأم وصحتها،
وكل ما يجري لها، أما ما يجري للأب فإنه لا يصل إليه،
فإن دوره المباشر ينتهي بالتلقيح،
وقد أشار بعض المختصين في هـذا الجانب
إلى أن ما يظـهر على المولود من انفعـالات الخوف والشجاعة والغضب والكسل والحسد - وغيرها –
هو نتيجة للعوامل والانفعالات النفـسية أثناء الحمل .

ويوجه الأب زوجته الحامل إلى الجيد من الطعام كالرطب
فإنه يقوي الرحم
ويساعد على يسـر الولادة ،
ويخفف نزف الدم بعد الولادة ،
ويجنبـها النشويات والسكريات والدهون –
خاصة في الأشهر الأخيرة -
وذلك حفاظاً على متوسط وزن الجنين .

إثبات النسب :


إن إثبات النسب حق لله عز وجل ، وللطفل وللأب وللأم ،
إذ إنه بهذا الإثبـات يصان الولد من الضيـاع والتشرد ،
إلى جانب المحافظة على المجتمع من شيـوع الفواحش وانتشار اللقطاء .
كما أن إثبات النسب ترتب عليه حقوق أخـرى مثل الولاية في الصغر ، والإنفاق والإرث ،
وغير ذلك من الأمور التي يمكن مراجعتـها في كتب الفقه .
وقد ورد التحذير الشديد لمن أنكر ولده وجحـد نسبه فقال عليه الصلاة والسلام :

[ أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه ، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ] .
( رواه الدارمي )


كما ورد أيضاً التحذير والوعيد لمن انتسب إلى غير أبيه وهو يعلم ..
وهكذا تحصـن الشريعة المجتمع من شيـوع الفساد ،

وتمنع أسباب قطيعة الأرحام ، وظلم الذرية ، واختلاط الأنساب .


الأذان في أذن المولود :

ويستحب حين الولادة أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليمنى ،
وأن يقيم في اليسرى ، وذلك ليكون أول شيء يصل إلى المولود من أمور الحياة بعد الهـواء

هو التوحيد المنافي للشرك ، فلا ينـبغي إهمال هذه السنة محتـجين بأن الطفل لا يعي ذلك لصغر سنه ،

فإن واعية الطفل تحفظ نبرات وتقطيعات الأذان ،
ولو لم يكن في هذا العمل كله سوى الاقتداء بالرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام
لكفانا ذلك حجة للقيام بها .

عن عبيد الله ابن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال :
رأيت رسـول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسـين حين ولدته فاطمة رضي الله عنها ،
وبهـذه السنة يحفظ المولود عند أول خروجه إلى الحيـاة من الشيطان ،
ويقع في نفسه التوحيـد الموافق للفطرة - المركوزة فيه أصلاً –
فيكون ذلك له خيراً عند كبره وبلوغه بإذن الله تعالى .

التحنيك :

التحنيـك سنة مؤكدة من سنن الهدى التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ،
فكان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم .
والطريقة في هذه السنة كما هي في الحديث السابق :
أن يأخذ الأب - أو من يراه من العلماء أو الصالحين من الأقرباء
أو الجيران أو الأصدقاء ،
ممن عرفت سـيرته بالصلاح والخير -
تمرة ثم يمضغها في فمه مضغاً جيداً ،
ثم يأخذ بعضاً منها بأصبعه فيضعه في حنك الغلام ويدلكه من الداخل ،
متأكداً من وصول بعضه إلى الجوف ،
فإن لم يجد تمراً حنكه بأي حلو. ومعجون التمر أفضل اقتداءاً بالرسول عليه الصلاة السلام .
كما أن غدد الفم تستجيب لحلاوة التمر إنسجاماً مع الفطرة .
وقد تبدو العلاقة هنا مادية بحتـة ،
غير أن الأثر الذي يخلفه هذا التذوق في الفم يختزن في الواعية ويكون مع مرور الزمن مدعاة لكل حلاوة ،
ونفوراً من كل قبيح، واستقبالاً لكل جميل .
ويراعي الأب عدم إعطاء المولود الجديد أي طعام قبل تحنيكه اقتداء بالسنة .
كما هو في الحديث الذي تقدم ، فيكون بذلك قد أصاب السنة في هذا الأمر .


التسمية :

يتأثر الطفل نفسياً بنوع الكُنية أو الاسم الذي يعطى له ، فتتأثر رؤيته لنفسه بذلك،
فإن بعض الأطفال يعانون من أسمائهم لأنها تحمل معاني لا تعجبهم ،
فتتأثر نفسياتهم، ويتعرضون لأوقات وظـروف عديدة من البؤس والتعاسة ،
وذلك لأن أول كلمة يتعلمها الطفل عادة - أو يحاول أن يكتبها - هي اسمه ،
فإذا كان جميـلاً إنعكس ذلك عليه بهجة وسعادة وإن كان ذميماً انعكس عليه بؤساً وشقاء .

ويشير الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أن هناك علاقة وارتباطاً بين الاسـم والمسمى ،

وأن للأسماء تأثيراً على المسميات ، وبالعكس ،
ويذكـر رحمه الله جانباً تربويّاً مهمّاً في اختيار الاسم ،
إذ إن صاحب الاسم الحسن يحمله اسمه ،
ويدفعه إلى فعل المحمود من الأفعال وذلك حياءً من اسمه
لما يتضمنه هذا الاسم من المعاني الحسنة .
ويلاحظ في العادة أن لسفلة الناس
ولِعلْيتـهم أسمـاء تناسبهم وتوافق أحوالهم ،
لهذا جاءت الشريعة الإسـلامية موافقة لهذا المبدأ ،
فقد أمر رسـول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال :

[ من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه ] .

كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام تغيير الأسماء الذميمة بأسماء حسنه
فعندما حاول علي رضي الله عنه - عدة مرات –

تسمية أحد أولاده حـرباً كان عليه الصـلاة والسلام في كل مره يغيره بأسماء حسنة ،
فسماهم الحسن والحسين ومُحسن ، كما ورد عنه أنه غير اسم العاص إلى مطيع ،
واسم غراب إلى مسلم .

وفي الجانب الآخر ورد عنه عليه الصلاة والسلام استحباب بعض الأسماء كعبد الله وعبد الرحمن ،

ورغب في التسمية بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ،

فقال : "تَسَمّوا بأسماء الأنبياء ".

واسمه عليه الصلاة والسلام أفضلها .

وقد كره العلماء تسمية نور الدين ، وشمس الدين وما شابه ذلك.

وحرّموا التسمية بشيطان ، وكليب ، وشهاب ، وحمـار ، وعبد النبي ، وملك الملوك ،
أو التسمي بأسماء الله مثل :

خالق ، وقدوس ، ورحمن ، أو التسمية بعبد الكعبة،

أو عبد العزى وغير ذلك من الأسماء غير اللائقة .

ويمكن أن يدرج في هذه الأسمـاء المكروهة تلك الأسماء التي يشترك فيها الذكـور والإناث ،

فالأولى للأب ألا يسمى ولده باسـم منها ، لما قد تسببه من إحـراج وإحباط للولد ،
وتعريضه للسخرية من رفاقه ،
ومن هذه الأسماء ناهد، وعصمت ، وإحسان وغيرها .

وتقيد الوالد بما ورد في السنة من توجيـهات في تسمية المولود له فوائد نفسـية واجتماعية

تعود على الولد بالخير ، إلى جانب الثواب الذي يحصله الوالد من بركة اتباع السنة النبوية المطهرة ،
وإحيائها في زمن قد تغـافل كثير من الناس عنـها ،
وزهدوا فيها ، فإن خالفته في ذلك زوجته أو أهله فليعلم أن تسمية المولود من حق الأب شرعاً
فهو الذي يختار اسمه .
أما عن موعد التسمية ، فإن في الأمر سعة، فله أن يسميه في الوقت الذي يشاء من أول يوم ولادته ،
أو في السابع ، أو بعده ، ففي الأمر ولله الحمد سعة .


العقيقة :

العقيقة تعني في اللغة القطع ، وفي الاصطلاح الشرعي تعني :
ذبح شاة عن المولود يوم سابعه ، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ،
قال عليه الصلاة والسلام :


[عن الغلام شاتان مكافيئتان ، وعن الجارية شاه ] ،

وعند الإمام مالك رحمه الله :

عن الذكر شـاة واحدة كالأنثى ، مراعياً أن تكون من أفضل النَّعم ، غير عوراء ، أو عرجاء ، أو مريضة ،
ولا يبيع شيئاً من لحمها أو جلدها ، إنما يأكل الأهلُ منها،
ويتصدقون ببعضها ، كما كره رحمه الله أن يجمع عليها الناس فتكون كالوليمة،

بل أمر بطبخها والأكل منها ، والإهداء .

ولا يصح فيها إشراك مولودين في شاة واحدة ، بل لكل مولود شاة .
والسنة في الذبح أن يقول :

بسم الله ، اللهم لك وإليك ، هذه عقيقة فلان ، ولا يكسر عظمها ،

بل تفصل الأعضاء من عند المفاصل دون كسر .
ويستحب أن تذبح العقيقة يوم السـابع ،
وعلى الوالد أن يراعي تطبيـق السنة ، ويشرف بنفسه على ذلك ،
وأن يجنب المولود الجديد البـدع المحدثة في هذا المجال
مثل تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة ،
كما كان يفعل في الجاهلية ، بل يستعاض من ذلك بالزعفران .

كما ينبغي له أن يحترس مِمَّا أحدثه بعض الناس في ليلة السابع من وضع المصحف ورغيف وسكر عند رأس المولود ،
فإن هذا لم يرد فيه دليـل ، بل هو من البدع المحدثة ،
فالسنة أولى بالاتباع ، فإن وجد الوالد بعض العنت من أهله وأقربائه،
فإن سلامة المولود وحفظه من المحدثات والبدع أنفع له من إرضاء الناس .

الحلق :

حلق رأس المولود بالموسى من السنـة ،
ويكون ذلك في اليوم السـابع من ولادة المولود ،
ثم يتصدق عن المولود بما يعادل وزن شعره من الذهب أو الفضة ،
فقـد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
حين ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها قال لهـا صلى الله عليه وسلم :

[ زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة ] . رواه الحاكم .


وهذه السنة المباركة قد أهملت ، ولم يعد يفعلها إلا القليل ،
فلا ينبغي للأب المسلم أن يزهد فيها أو يغفلها متذرعاً باحتمال أنه ربما أضرت الحلاقة بالمولود ،
أو أنه لا يحسن الحـلاقة ، فبالإمكان تكليف غيره ممن لديه خـبرة أن يتولى إزالة الشعر ،
فتحصل له بركة اتباع السنة وأجر الصدقة على الفقراء والمساكين .
أما وقت الحلاقة فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه في وقت ذبح العقيقة،
وذهب آخرون إلى أنه يسبق العقيقة ليتميز عن مناسك الحج.


الختان :

الختان : هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر ، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع ،
وله فوائـده الصحية الكثيرة ، فمنها :
أنه يقـلل من أسباب الإصابة بمرض السرطان الخبيث ،
ويقلل من سلس البول الليلي الذي يكـثر عند الأطفال ، إلى جانب أنه يجنب الطفل كثرة العبث بأعضائه التناسـلية ،
إذ إن هذه الجلدة إذا لم تقطع تثير الأعصاب التناسلية ، وتدعـو إلى حكها،
ولا داعي للختان إذا ولد الصبي مختـوناً ، كما أنه ليس للختـان سنة في عمل حفل أو جمع الناس ،
وإنفاق الأموال ، أو غير ذلك من الممارسات الشعبية التي لا أصل لها .
أما موعد الختان فقد اختلف فيه العلماء ، فكرهه بعضهم في اليوم السـابع مخالفة لليهود ،
وعند المالكية يكون الختان عند أمر الصبي بالصـلاة ، أي ما بين السابعة إلى العاشرة من عمره ،
وقد نقل أن السلف كانوا يختنـون أولادهم حين يقاربون البلوغ ،
والأمر في الختان واسع ، فلو عمله يوم السابع أو بعـده ، أو قبل البلوغ فلا بأس .
إنما المهم في الأمر ألا يبلغ الولد إلا وقد ختن ،
وقد رجح بعض العلماء أن يتم الختان في الأيام الأولى من عمر الصبي ،
وذلك لسهولته ، وسرعة شفـاء جرحه.



من كتاب مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة


ورة الإسراء

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :

[ إذا مـات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينـتفع به ، أو ولد صالح يدعو له ] .

رواه مسلم.

وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ من تعهد بناته بالتربية والإنفاق كنَّ له سترًا من النار.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت :
دخلت عليّ امرأة ومعها بنتان لها تسأل ، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة ، فأعطيتها إياها ،
فقسمتها بين ابنتـيها ، ولم تأكل منها شيئاً ، ثم قامت فخـرجت ،
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينـا فأخبرته فقال :

[ من ابتُلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُن له ستراً من النار ]
رواه البخاري.
وهنا أود أن ألفت النظر إلى خطأ شائع في تربية الأولاد :

هو أن الناس يظنون أن حسن التربية يقتصر على الطعام الطيب ، والشراب الهنيء ، والكسـوة الفخمة ،
والدراسة المتفوقة، والظهور أمام الناس بالمظهر الحسن،
ولا يدخل في مفهوم التربية عندهم تنشئة الولد على التدين الصادق ، والخلق الكريم. .
إن هذا الخطأ جسيم . والله

لو آلت إلى هذا الولد أموال الدنيا ثم كان من أهل النار إنه لشقيٌّ .
وهكذا فإن الإسلام لم يترك الإنسان يسير وراء عاطفته سيراً غبيـاً ،
وإنما نبهه إلى أنه ينبغي أن يكون اعتماده على عمله وتقواه ،
وحذره من أن يُفتن عن دينه بسبب الأولاد ، وأمره في الوقت ذاته بإعداد أولاده إعداداً إسـلامياً
وجعله مسؤولاً عن ذلك .

من كتاب نظرات في الأسرة المسلمة
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:48 pm




مسؤولية الأب في التعليم والتأديب


1 - التعليم

2 - التأديب

3 - نحو أسلوب تربوي جديد

إضافة إلى ما سبق يبقى حقان واجبان يسأل عنهما الأب مسؤولية كاملة هما :

حق التعليم وحق التأديب ،
وفيما يلي بيان المنهج الصحيح، والأسلوب الأنجح في هذين المجالين المهمين في حياة الطفل :

1 - التعليم :
يتعلم الطفل في سنواته الأولى أكثر بكثير مما يتصوره الآباء ،
فإن العادات يمكن أن يكتسبها بسهولة كلما كانت سنة أصغر فإن 90% من العملية التربوية
تتـم في السنوات الخمس الأولى ، كما أن الطفـل في هذه الفترة يميل إلى إرضـاء والده،
ويحاول أن يخرج منه عبارات الثناء والإعجاب،
فمن البديهي أن يستغل الوالد هذه الفترة المهمة في تعليمه وتوجيهه الوجهة الحسنة ،
يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى في هذا المجال :
أقوم التقويم ما كان في الصغر ، فأما إذا تُرك الولد وطبعه فنشأ عليه ومرن ،
كان رده صعباً ، قال الشاعر :

doPoem(0)
إن الغصون إذا قَوَّمتها اعتدلت ولا يلين إذا قَوَّمتـه الخَشَـبُ
قد ينفع الأدبُ الأحداثَ في مَهَل وليس ينفع في ذي الشَيبة الأدبُ


ويرى بعضهم أن توجيه الطفل يبدأ منذ نعومة أظفارة منذ الفطام ،
فلا مجال للأب أن يُسوّف ، أو يؤخر مسألة التعليم إلى أن يكبر الولد .
ومن هذا المنطلق المهم ، جاءت السنة المطهرة بالتوجيـهات للآباء بأن يلتفتوا إلى أبنائهم ،
وأن يحسنوا تعليمهم وتأديبهم ،
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

[ لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع ] .

وقال أيضاً :

[ ما نَحَل والد ولداً من نَحلة أفضل من أدب حَسَن ]

وجاء التحذير لمن فرّط في هذه المهمة العظيمة وأهمل تربيته .
لهذا كان واجباً على الأب أن يكون عالمـاً بأمور الدين ،
محيطاً بالحلال والحرام ، وأساليب التربية ، ومبادئ الأخلاق وقواعد الشريعة ،
فإن لم يكن عالماً بها وجب عليه تعلم ما لا يعذر بجهله من أمور الدين ،
وذلك ليعبـد الله على علم ويقين ،
وأن يعلم أولاده أمور دينهم، وما أوجبه الله عليهم من الأوامر والنواهي، والحلال والحرام،
فإن لم يفعل ذلك وأهمل فإن تربيته لأبنائه سوف تكون منحرفة، فينحرف الأطفال ،
ويكونون عبئاً على المجتمع إذا كبروا ،
ومن المعروف أن التربية الخاطئة تعد أهم العوامل صلة بالجرائم .
والطفل في صغره لا يميز بين الصالح والطالح ، والخير والشر ،
وإنما لديه رغبة يحس بها في نفسه تدفعه إلى طاعة من يوجهه ويرشده ،
فيعيش تحت سلطته وإمارته ، فإنه لم يجد هذه السلطة الموجهة الضابطة لتصرفاته والموجهة لهـا ،
فإن ينشأ قلقاً حائراً ضعيف الإرادة والشخصية ،
لهذا فإن دور الأب مهم لاستقامة شخصية الطفـل وتحقيق التوافق النفسي عنده .
وفي مجال التعليم العملي للطفل فللأب في رسول الله صلى الله عليه وسلم القـدوة في ذلك ،

فقد رأى مرة غلاماً لا يُحسن سلخ الشاه فقال له :
( تَنَحّ حتى أُريك ، فأَدَخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها ( أي دسّ بها ) حتى توارت إلى الإبط ثم مضى ) .
رواه أبو داود.

وهكذا فإنه لم يمـنعه عليه الصلاة والسلام انشغاله بأمور المسلمين الكـبرى عن توجيه غـلام صغير إلى سلخ شاة ،
فقد كان بالإمكان أن يقوم غيره من الصحابة بذلك،
ولكن لتتم القدوة والأسوة به في هذا المجال قام عليه الصلاة والسلام بنفسه بتعليم الغلام ،
فما الذي يمنع الأب من الاجتماع بأولاده في أوقات متفرقة منتظمه يعلمهم أمور دينهم ،
فهي أهم من ذبح الشاة والغنم ،
فإن بعض علمـاء السلف كانوا يجمعون الصبيان الصغار ،
فيحدثونهم ويعلمونهم أمور دينهم ، ولا يترفعون عن ذلك .
والأب غير مطالب بأسلوب ، أو منهج معين في تعليم أولاده ،
إنما المقصـود هو تعليمهم وتثقيفهم وتحصينهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ، والأخـلاق والآداب الإسلامية
معتمداً على القرآن الكريم ، والسنة المطهرة والسّير وغيرها من المصادر،
فإن صعُب عليه أسلوب الإلقاء والمحاضرة انتهج أسلوب القراءة ،
فيحضر لهم فقرة من باب معين من أبواب الفقه ، أو السيرة أو غيرهما ، مراعياً الإيجاز ، وسلاسـة الأسلوب ،
وقدرات الأولاد العقلية ،
فيقرأ ذلك عليهم ، ويجيب على أسئلتهم ،
كما يمكنه أن ينتـهج معهم أسلوب الأسئلة ،
فيكتب بعض الأسئلة في بطاقـات صغيرة ،
ثم يأمر الأولاد بأن يأخذ كل واحد منهم سؤالاً يجيب عنه .
والمجال في هذا متسع فيمكن للأب أن ينتهج ويبتكر
أساليب أخرى في هذا المجال ،
وتعليم الأطفال وتربيتهم لا يعتمد على حلقات الدروس فقط ،
بل يستغل الوالد كل وقت يراه مناسباً
فيوجه فيه ولده إلى حفظ سورة من القرآن الكريم ،
أو آيات منه ، أو حديث أو ذكر معين من الأذكار الواردة ،
فبإمكانه استغلال الوقت الذي يقضيه مع الولد حين يأخذه في السيارة إلى المدرسة ذهاباً وإياباً
وهي فتـرة لا بأس بها يمكن أن يُستفاد منها ،
والمقصود استغلال جميع الأوقات المناسبة في توجيه الولد وتعليمه وتثقيفه ،
خاصة إذا كان الأب كثير المشاغل ، قليل الوقت .

2 - التأديب :

يعترف المربون المسلمون بأهمية العقاب ، ويقرونه ،
وذلك لما له من دور في تعديل السلوك وتوجيهه، على أن يُستخدم عند الحاجة،
مع مراعاة نوع العقوبة ومقدارها فقد ثبت فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه رأى أبا بكر رضي الله عنه وهو يضرب غلاماً له ،
فتبسم ولم ينكر عليه، فَضَرب الولد عند الحاجة لتأديبه وتربيته جائز.
ولكن يجب أن يعي الأب المسلم أن آخر العلاج الكي،
فإن استخدام أسلوب العقاب البدني يجب أن يكون هو الوسيلة الأخيرة في العقاب ،
فإن تعـود الطفل عليه ، وألفه عند كل خطأ يقع فيه ،
فلن يصبح له تأثير فيه بعد ذلك ، إلى جانب أن وسائل العقاب الأخرى
مثل الهجر والحرمان من المصروف وغيرهما من العقوبات النفسية لن تفلح معه بعد فشل العقاب البدني .
لهذا كان لزاماً على الأب الواعي أن يتدرج في إيقاع العقوبة على الطفـل ،
فيبدأ بعدم التشجيع مثلاً، ثم الإعراض عنه وإعلامه بعدم الرضا عنه،
ثم الزجر والعبوس في وجهه ، ثم الهجـر والمقاطعة ، ثم الحرمان من محبوباته ،
وهكذا حتى يصـل إلى العقوبة البدنية مع التدرج فيها من الضرب الخفيف إلى الأشد ،
وتعد هذه الأخيرة هي أشد أنواع العقوبات ،
ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما يقال من أن العقوبة تعـقد الطفل،
أو تضره فإن هذا غير صحيح، بل إن العقوبة المناسبة إذا جاءت في الوقت المناسب ،
أي بعد اقتراف الذنب مباشـرة دون أن تتضمن جرحاً للكرامة ،
فإنها تكون مجدية ونافعة للطفل غير ضاره به ، مع مراعاة عدم لطـم الوجه ،
فقد نهى الرسـول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ،
ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضرب أحدا ً،

( انظر مصنف ابن أبي شيبة ، كتاب الأدب ).

فلو أن الأب انتهج أسلوب التهديد ، دون ايقاع العقاب ، وكان التهديد مفيـداً مع الولد ،
فإنه لا ينبغي له أن ينتقل منه إلى غيره من أنواع العقوبات الأشد ،
إلا إذا تمادى الطفل ، ولم يعد يخاف التهديد ، فإن السنة المطهرة جاءت بمثل هذا، فقد أمر عليه الصلاة والسلام
بتعليق السوط في البيت ، وتعليق السوط في البيت يوحي بإمكانية إيقاع العقوبة
وبناء على ذلك ينزجر الولد ويرتدع .
وقد اختلف التربويون في السن الذي يستعمل فيه العقاب البدني مع الطفل ،
فقد ذهب بعضهم إلى أنه لا يقع إلا بعد العاشـرة ،
استناداً إلى أن ضرب الطفل على الصلاة والتي هي أهم من غيرها لا يكون إلا بعد العاشرة ،
فغيرها من الأمـور لا ينبغي الضرب عليها من باب أولى
إلا بعد هذا السن ،
وبعضهم يرى أن الطفل لا يدرك مسألة الصواب والخطأ إلا في الثامنة،
وآخرون يرون أنه يدرك قضية الثواب والعقاب ، والقيم الخلقية ،
والشعور بها ،
وتقبل معاييرها ما بين 3-7 سنوات .
والعقاب عادة لا يكون إلا بعد أن يدرك الطفل ويفهم سببه ، ليحصل المقصود من إيقاعه ،
فالتحقيـق في هذه القضية
هو محـاولة تجنب ضرب الطفل عموماً قـدر الإمكان ،
وفي جميع سني عمره ، فإن كان ولا بـد منه ، فيكون في الوقت الذي يدرك فيه الطفل معنى العقوبة ،
وسببها ، وأنه مستحق لها ، وبعد أن يكون قد هُدد بها ،
ويراعي الأب في ذلك التدرج - الذي ذُكر سابقًا - والتوسط في إيقاعها لئلا يحس الطفل بأنه للتشفي ، أو الانتقام ،
بل يربط الذنب بالعقاب ليفهم الطفل ويعي سبب عقابه ، فإن أوقع الوالد العقوبة بالولد فاستنجد بالله وذكـره ،
فلا ينـبغي للوالد أن يسترسل في العقوبة ،
بل يكف عنها تعظيماً لله في نفس الطفل ،
فقد ورد النهي عن ضرب الخادم إذا ذكر الله ، والولد أولى .
وقد ذكر بعـض المتصلين بالتربية أهمية العقـاب بالهجر والتوبيخ ، وغيرهمـا من العقوبات النفسية
مرجحينها على العقوبات البدنية .. وذلك لأن الأطفال يكرهون الضرب ويبغضونه ،
وإن العقوبات النفسـية أكثر جدوى ،
وكيفـما كانت آراء التربويين فإن الأب الفطن يدرك من ولده ما لا يدركه غيره ،
فيستعمل كل عقاب في حينه ، حسب خبرته وتوقعاته للفوائد .
وعلى الوالد أن - يلاحظ حين قيامه بأمر الطفل أو نهيه –
أن يجذب انتباهه أولاً ، ثم يحاول أن يفهمه الأمر بلغة سهلة يدركها الطفل ،
مع مراعاة الوضـوح والبطء وعدم الإكثار من الأوامر ،
مبيناً له أن هذا الأمر يؤذيه إن كان الأمر يوذيه فعلاً أو يؤذي الآخرين ،
فالطفل إن عومل بهذه الطريقة فإنه في العادة يستجيب .
ونقطة أخيرة يجب الاهتمام بها ، وهي قضية مراقبة الطفل والتجسس عليه وفضحه إذا أخطأ ،
وهتك ستره ، ففي هذا يقول الإمام الغزالي بعد أن ذكـر أهمية تشجيع الطفل على القيام بالأعمال المحمودة ،
ومكافأته على ذلك قال:
فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة ، فينبغي أن يتغـافل عنه ، ولا يهتك ستره ...
لا سيما إذا ستره الصبي ، واجتهد في إخفائه ، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة ،
فعند ذلك إن عاد ثانياً فينبغي أن يعاقب سراً ، ويعظـم الأمر فيه ،
وهذا من الرفق والرحمة بالولد فليس كل خطأ أو زلة توجب العقاب والزجر،
وهذا مشروع مع الحيوان البهيم ، فضلاً عن الإنسان المكرم ،
فقد ذكر أن السيدة عائشة رضي الله عنها ركبت بعيراً فاستعصى عليها فجعلت تُردده،
فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق .

فإذا كان المسلم مأموراً بالرفق عند قيادة البعير فكيف بولده ؟


من كتاب "مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة
"
3 - نحو أسلوب تربوي جديد

حنان لحام


قالت المعلمة لأطفالها مشيرة إلى ضرورة طاعة الأهل :

- وهكذا إن الحَمَل الذي لم يسمع كلام أمه أكله الذئب .

- فقال أحد الأطفال :
-
- والحمل الذي سمع كلام أمه أكلناه نحن !!

استوقفتني هذه الطُرفة حين قرأتها في إحدى المجلات ..
لماتحمل من دلالات رمزية .
ورأيت فيها تعبيراً صارخاً عن معاناتنا في التربية ..
وعن أمراضنا الفكرية التي تتحول إلى أوبئة اجتماعية ..
في الطرفة نجد مواقف الآباء والأبناء ..

فالآباء يظنون أنهم قد ملكوا الحقيقة المطلقة .. وأن سلامة الأجيال مرهونة بسماع كلام الآباء والالتزام به ..
والأبناء قد بدؤوا يبصرون الواقع المر ويُحمِّلون فكر الآباء المسؤولية عنه .

وهي الحقيقة إن نغمة (اسمع الكلام) ما زالت هي الأعلى في بيوتنا وأسرنا ..
فنحن نوصي أبناءنا ألا يتصدوا للخطأ ولا يعترضوا ولا يناقشوا حرصاً على سلامتهم ..
لكن هذه الوصية هي التي سمحت للأخطاء أن تستفحل في الأمة حتى خرجت الثمار نَكِدَة

{ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا }

(58) سورة الأعراف

وأصبح الأبناء يتجرعون النكد .. إن هذا الأسلوب الذي أردنا منه السلامة لأولادنا هو الذي جعلهم
(حملاناً مأكولة) في المجتمع .
ويتعاظم الخطر عندما تصبح الوصية تياراً اجتماعياً جارفاً من السلبية وإخماد الذات ..
حتى تصبح الأمة كلها كالقصعة التي تتسابق الأمم على أكلها ..
لأنها حذفت دورها في الشهود والشهادة والسعي للإصلاح .
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم

[ لَتَأْمُرنَّ بالمعروف ولَتَنْهُوُنَّ عن المنكر أو لَيُوشِكَنَّ الله ان يعمكم بعذاب]

[ رواه الترمزي وأبو داود وأحمد ] .

هذا جانب من المشكلة حين يكون الآباء على خطأ في رؤيتهم للقضايا ..
لكن الجانب الآخر الذي لا بد من رؤيته هو خطورة (الآبائية) في الفكر بشكل عام .
ولقد مرت على العالم الإسلامي قرون وهو غافل عن تنديد الله بالجمود عند فكر الآباء

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

(170) سورة البقرة

ووصفهم بأنهم :
صمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ... وفي عالمنا يصعب على المربي (أباً كان أو أماً أو معلماً)
أن يعترف بأنه لا يعرف فيما لو سئل عما لا يعرف ..
ويظن أن صورته تهتز في نفس الطفل فيما لو اعترف بذلك ..!!
بينما اعتبر علماؤنا كلمة (لا أدري) تمثل نصف العلم ..!! لماذا ؟
لأنها تدفع الصغير والكبير إلى البحث وطلب العلم .

إن حبس الأجيال ضمن فكر الآباء يقتل إبداعهم وينتج مجتمعاً سكونياً متشبثاً بمواقع أقدامه ..
وهو في ذلك يعتبر متراجعاً متدهوراً بالنسبة للمجتمعات التي تكشف الجديد وتتنافس في التقدم إليه ..
وإن فكر الآباء مهما كان جيداً مرهون بزمان معين ..
ولا بد للأجيال أن تنطلق في بحثها عما هو أرقى وأفضل لأن الله
( يزيد في الخلق ما يشاء )
وإلا تعرضت للجمود الفكري والموت الحضاري وبقيت خاضعة للآخرين لأنهم سبقوها في العلم والتسخير .

وهكذا تبدو أزمة الأمة نابعة من الأسرة والمدرسة .

والآباء والمعلمون يواجهون تحدياً مصيرياً كامناً في ابتكار أسلوب تربوي جديد يختزل التراث للأبناء
دون مصادرة قدراتهم .. يأخذ بأيديهم في دروب المعرفة فيزيح العوائق والأغلال
ويرفع الحجب عن عقولهم حتى ينطلقوا في كشف المزيد .

وكثيراً ما نستشهد بحديث أنس رضي الله عنه حين قال :

خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات فلم يقل لي لشيء فعلتُهُ (لِمَ فعلته) ولا لشيء لم أفعله (لِمَ لَمْ تفعله)
[ رواه مسلم ] !!
لكننا مع أبنائنا لا نملك إلا أن نردد : إفعل لا تفعل ؟!

فإن رفضوا وقعوا في المشاكل .. وإن أطاعوا أصبحوا نسخاً مكررة لا إبداع فيها .

فهلا جربنا تحريك عقل الجيل والامتناع عن إصدار الأوامر ولو ليوم واحد ..
في تجربة لكشف أسلوب تربوي جديد يرفع أبناءنا إلى موقع أفضل في عالم يتسارع في التقدم ..
إلى الخير بإذن الله لا إلى الهاوية .

سمعت احتجاج طفلة في وجه أمها ..

الأم تؤكد بلهجة آمرة :
لا بد أن تغسلي وجهك ويديك ..
والطفلة ترد بتشنج :
لن أفعل ... وكان الوضع على وشك التردي إلى الإرغام العنيف .
أسرعت إحداهن في التدخل للخروج من المأزق وهمست للأم أن تترك الأمر لها
.. وقالت للطفلة :
هل تحبين أن أحكي لك حكاية ؟
أسرعت الطفلة إليها .
فحكت لها قصة الذبابة القذرة المزعجة ..
وكيف كانت تبحث عن بقايا الطعام والأوساخ لتحط عليها ..
حتى وجدت طفلاً لا يغسل وجهه ويديه بعد الطعام ..
وبشيء من التهويل والتمثيل أُخذت الطفلة بالحكاية ثم أسرعت لتغسل وجهها ويديها .

وهنا تقول معظم الأمهات - ومعظم الآباء أيضاً –
المسؤوليات كثيرة وليس لدينا وقت لإقناع الطفل بكل شيء ..
حقاً إنها لمََأْساة .
أن يكون لدينا وقت لكل شيء .. إلا لأطفالنا ..!!

وقد يقولون:

هذه تجربة بسيطة مع طفلة ..
لكن الأمر يزداد صعوبة مع نمو الأبناء ..
وفي عصر (المعلومات) .. وهنا يكمن التحدي للآباء ..
فمن الواضح أن هذا الأسلوب صعب علينا لقلة علمنا وقلة ممارستنا للإقناع بدلاً عن الإكراه ..
وما لم نستنفر جهودنا في هذا المجال وقعنا في أحد الخيارين :
أن نجمد فكر أبنائنا .. أو أن يرمي بنا أبناؤنا جانباً ..
وهما أمران أحلاهما مُر ..

وأذكر في هذا المجال قول الأستاذ جودت سعيد :

(إنني أؤمن أن استخراج أفضل ما في الإنسان يكون بإقناعه لابإكراهه )


وإن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا كثيراً من فوائد أوامره وما وراءها من مصالح للناس ..

وهو رب كل شيء ..!

فكيف بنا ونحن بشر خطاءون نفرض الطاعة المطلقة على الأبناء ؟!


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:51 pm



صورة من حب الآباء وكيف يبرهم أبناؤهم

د. عمر سليمان الأشقر





قال محدثي :

أعن حب الآباء لأبنائهم تتحدثون ؟

لقد رأيت من أبي مشهداً قام مقام المجلدات التي تسطر في هذا الموضوع،

لقد عرفت والدي هادئاً متزناً وقوراً، خاصة بعد أن علاه الشيب وانحنى ظهره ،

وقد فوجئت أيمـا مفاجأة إذ رأيته ينفجر باكياً

وقد كاد القطار أن ينطلق بي وبأسرتي مسافرين إلى مقر عملي ،

ولكن ما رأيته بعدُ كان أعجب ،

بدأ القطار مسيرته فإذا بالأب الباكي يساير القطار في مواجهتنا

ينظر إلينا من خلال دموعه الهاطلة ،

وينطلق القطار يعدو وإذا بوالدي يجري جرياً يلوح لنا بيديه ،

ويدعو بلسانه ، وقد نسي أنه ابن الستين ونسي وقاره واتزانه

ولم يلتفت إلى العيـون التي ترمقه من هنا وهناك ،

ولم يلتفت إلينا ونحـن نشير إليه بأن يكف ويرجع ،

وإذا بي وقد دهشني المنظر أغلق النافذة رحمة به ليكف ،
ولأنني لم أستطع أن أرى أكثر مما رأيت .

وذكرني محدثي بذلك الرجل المتأنق في لباسه المعتني بمظهره ،

حتى إذا ما سجن ولده ذهل عن نفسه ،

وأهمل العناية بهندامه ،

وحل مكان البشـاشة التي كانت تلازمه كآبة تعلوه ،

ونظراته أصبحت هائمة زائغة .

وقد يصل حب الآباء للأبناء أن يُصـاب الآباء بمرض جسماني

إذا ما حدث للولد شيء أو غاب عن أبيـه ،

أوَلم يفقد نبي الله يعقوب بصره لشدة حـزنه على ابنه يوسف ؟!

{ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ }

(84) سورة يوسف


وقد خشي عليه أبناؤه الهلاك لكثرة ذكره ليوسف :

{ قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ }

(85) سورة يوسف

.ويشم الأب المحزون ريح يوسف عندما قدم أحدهم بقميصه ولمـَّا يصل إليه،

حتى إذا ما ألقاه على وجهه ارتدّ بصـيراً ،

ألا ترى كيف أعاد الله إليه بصـره بفرحته بالبشرى ؟


روى الترمذي في سننه عن أبي موسى الأشعري

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

[ إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته :

قبضتم ولد عبدي ؟

فيقولون :

نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟
فيقولون : نعم .
فيقول : فمـاذا قال عبدي ؟

فيقولون : حمدك واسترجع.

فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً، وسمُّوه بيت الحمد ]

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟

فما دامت هذه مكانة الأبناء في نفوس الآباء ، ولهما الفضل السابق ،

إذ هما سبب وجود الإنسان ،

ولهما عليه غاية الإحسان ،

فالوالد بالإنفاق والوالدة بالإشفاق ،

فحقٌ على الأبناء أن يعترفوا بالإحسـان ،

وأن يشكروا النعمة

{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }

(14) سورة لقمان


خاصة عندما يبلغـان من العمر عتيـًّـا فيجب التواضع لهما ،

ومخاطبتهما بالقول اللين، وتكريمهما والدعاء لهما


{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }

(23- 24) سورة الإسراء

ولو فعل الولد ما فعل ما جزى والده

[ إلا أن يجـد الولد والده مملوكًا فيشتريه فيعتقه ]

كما صح بذلك الحديث من رواية مسلم ،

ذلك أن الحرية والخلاص من العبودية حيـاة جديدة

تقابل تلك الحياة التي كان الوالد هو المتسبب بها .

ومن بر الوالدين ألا يتسبب الابن في إيصـال الأذى إليهما .

يقول صلى الله عليه وسلم :

[ من الكبائر شتم الرجل والديه ] .

قالوا : يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه ؟! قال :

[ نعم ، يَسُبُّ أبا الرجل فَيَسُبُ أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ] .

رواه البخاري ومسلم .



كيف نبر آباءنا بعد وفاتهم ؟

ويستطيع الولد أن يبر والـديه بعد وفاتهما بالدعـاء والاستغفار لهما ،

والتصدق عنهما ، وصلة أصدقائهما ،

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

[ إن من أبر البر صلة الرجل أهل وُدِّ أبيه بعد أن يولي ]

روى الحديث مسلم في صحيحه .

ويحدثنا الإمـام مسلم في صحيحه أن راوي الحديث عبدالله بن عمر

– رضي الله عنهما -

سافـر من المدينة إلى مكة ، فمر به أعرابي فناداه

فقال له : ألست فلان بن فـلان ؟

قال : بلى ، فأعطاه حماراً وقال له :

اركب هذا، وأعطاه عمامة وقال : اشدد بها رأسك ،

وقد كان عبد الله يتروح على الحمـار إذا تعب من ركوب الراحلة ،

ويشد رأسه بالعمامة، ولما سأله أصحابه عن سر هذا العطاء مع حاجته

لما أعطى حدّث بالحديث الآنف الذكر ،

ثم قال : وإن أباه كان صديقاً لعمر رضي الله عنه .


التحذير من عقوق الوالدين :


وقد حذرنا الله وخوفنا من عقوق الوالدين فقال تعالى:


{ وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }

(25) سورة الرعد

وممن أمر الله أن يوصلوا : الوالدان ، فقطيعتهم تدخل في اللعنة ،

ويكون القاطع ممن استحق سوء الدار ،

وفي الحديث الذي يرويه البخاري يقول عليه الصلاة والسلام :

[ لا يدخل الجنة قاطع ] .

وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين

أحد ثلاثة ذنوب هي أعظم عظائم الذنوب ،

يقول عليه السلام:

[ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ]

قالها ثلاث مرات قلنا : بلى يا رسول الله .

قال : [ الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ]

وكان متكئاً فجلس فقال :

[ ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ] .

رواه البخاري ومسلم.

وفي الحديث الذي يرويه البخـاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم :

[ إن الله حَرّمَ عليكم عقوق الأمهات، ومنعاً وهات

( أي منع ما وجب عليه ، وطلب ما ليس له ) ووأد البنات ] .


عاقبة البر :

في حديث في صحيحي البخاري ومسلم يخـبر الرسول صلى الله عليه وسلم

عن ثلاثة رجال ممن كانوا قبلنا كانوا يتماشون ،

فأخذهم المطر فمالوا إلى غار فانحطت على فم غارهم صخـرة من الجبل ،

فتوسل كل واحد منهم إلى الله بأرجـى عملٍ صالح عمله ليخلصهم مما هم فيه .

فقال أحدهم:

"اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران ،

ولي صِبية صغـار كنت أرعى عليهم ،

فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت بوالديّ أسقيهما قبل ولدي ،

وإنه قد نأى بي الشجر يوماً فما أتيت حتى أمسيت ،

فوجدتهما قد ناما فحلبت كما أحلب ، فجئت بالحلاب فقمت عند رؤوسهما

أكره أو أوقظهما وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما ،

والصبية يتضاغون (يبكون) عند قدمي،

فلم يزل دأبي ودأبهم حتى طلع الفجـر،

فإن كنت تعـلم أني فعلت ذلك ابتغـاء وجهك فافرج لنا فرجة

نرى منها السماء".

فاستجاب الله دعاء هذا الرجل الصالح في وقتٍ من أحرج الأوقات

فجعل له مخرجاً ببره بوالديه .

وقد يكون البر سبباً للنجاة من البلايا ،

وقد يعطي الله به الرزق والخير ،

أمـَّا في الآخرة فالبر مركب يوصل إلى الجنة

إذا تحقق الإيمان ،
فهذا صحابي اسمه "جاهمة" يستأذن الرسول في الجهاد

فيقول له الرسـول:

[ هل لك من أم ؟ ]

قال: نعم . قال: فالزمها فإن الجنة عند رجلها]

رواه أحمد والنسائي والبيهقي وإسناده جيد .

وفي الحديث الآخر يقول صلى الله عليه وسلم :

[ رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه قيل : من يا رسول الله ؟ قال:

[ من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخلانه الجنة ] .

رواه مسلم .

وفي الحديث القدسي يقول الله تعـالى للرحم عندمـا استعاذت به من القطيعة :

[ ألا ترضين أن أصل من وصلك ، وأقطع من قطعك؟]

رواه البخاري ومسلم.

ويأمر الرسول صلى الله عليه وسلم صحابيـاً بأن يطيع أمه بقوله :

[ الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه ]

رواه الترمذي وابن ماجه.


وصية الإسلام بالوالدين :

جاء الإسلام ليهدي البشرية إلى الصراط المستقيم

الذي يوصل العبـاد إلى رضوان الله ،

ويعيدهم إلى جنته ، ويوفر لهم الحياة الطيبة،

ولذلك عَرفّهم بالحقوق، وأمرهم بأدائها ،

وأعظم الحقوق حقه سبحانه وتعالى لأنه المنشئ الموجد الذي خلق فسوى،

وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة ،

والأيدي التي نأكل بها ، والأرجل التي نمشي عليها ،

وجعل لنا الأرض التي تقلنا بسهولها وجبالها ونباتها وحيوانها ،

وسخرها لنا، وسخر لنا السماء التي تظلنا،

وأمدنا بشمسها وقمرها وجعل لنا في كل ذلك منافع شتى ،
ويأتي بعد حقه سبحانه ، حق الوالدين ولذلك كثيراً

ما يأمر سبحانه بعبادته وحده لا شريك له ،

وطاعته فيما أمر وذلك حقه وحده ،

ثم يثني بالأمر بالإحسان للوالدين يقول تعالى:

{ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }

(36) سورة النساء

ويقول سبحانه :

{ قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }

(151) سورة الأنعام

وقال تعالى :

{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ *

أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *

وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا }



( 13- 14 - 15) سورة الأحقاف


وهذا العبد الصالح لقمان يوصي ابنه فيحذره من الشرك ،

لأنه ظلم عظيم:

{ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

(13) سورة لقمان


وفي مقابل وصية العبد الصالح تأتي الوصية بالوالد غير مصدرة بيا بني:

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ }

(Cool سورة العنكبوت


ولما كانت التكاليف التي تتحملها الأم أكثر ،

خصّها الله بمزيد من العناية في الوصية ببيان مدى ما تقاسيه

{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ }

(14) سورة لقمان


وفي الآية الأخرى يقول :

{ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا }

(15) سورة الأحقاف

ولذلك عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم

فقيل له :

" من أحق الناس بحسـن صحابتي ؟

قال : أمك ، ثلاثاً ، وفي الرابعـة

قال له : أبوك .

رواه البخاري ومسلم .

ويأمرنا الله تعالى بشكره ويثني بالأمر بشكر الوالدين

{ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ }

(14) سورة لقمان

وأحق الناس بإحسانك أمك وأبوك

{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ }

(215) سورة البقرة


ولمكانة الوالدين وعظم حقهما قَدّم الرسول برهما على الجهاد ،

فعن ابن مسعود قال :

سألت النبي صلى الله عليه وسلم :

أي العمل أحب إلى الله ؟
قال:

[ الصلاة على وقتها ]
قلت: ثم أي ؟

قال : [ بـر الوالدين ]

قلت : ثم أي ؟

قال : [ الجهاد في سبيل الله
] .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
روح الاسلام
المدير العام
المدير العام
روح الاسلام


انثى
عدد الرسائل : 2163
العمر : 50
الموقع : منتديات لحن المفارق
العمل/الترفيه : موظفة حومية
المزاج : عادي
الدولة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* D0dfd110
الاوسمة : الأبـــــــــــوة *ملف كامل* 3547_1180475852
تاريخ التسجيل : 25/03/2008

الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأبـــــــــــوة *ملف كامل*   الأبـــــــــــوة *ملف كامل* Icon_minitimeالأحد 27 أبريل 2008, 12:54 pm



رواه البخاري .

وهذا صحابي يقدم ليبايع الرسول على الجهاد والهجرة

فيقول له الرسول صلى الله عليه وسلم :

[ فهل من والديك أحـد حي؟]

قال: نعم كلاهما .

قال :

[ فتبـتغي الأجر من الله تعالى؟]

قال : نعم . قال :

[ فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما ]

رواه البخاري ومسلم.

الأب المشرك :

أما صلة الابن المسلم بأبيه المشرك فقد حَدّها قوله تعالى:

{ وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

(Cool سورة العنكبوت




وقال تعالى في سورة لقمان :

{وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا

وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا }

(15) سورة لقمان


والمعنى وإن حرصـا على أن تتابعهما على دينهما

إذا كانا مشركين فإياك وإياهما فلا تطعهما في ذلك .

وأمـره بالإحسان اليهما وذلك بإمدادهما بالمال

وخدمتهما وقضاء حوائجهما

وهذه الآيات نزلت في سعد بن مالك رضي الله عنه،

وكان بأمه باراً ، فلما أسلم أقسمت أمه ألا تطعم طعاماً ،

ولا تشرب شـراباً حتى تموت أو يرجع عن دينه ،

وقد بقيت أياماً كذلك ، فلما يئست من رجوعه أكلت وشربت.
والقصة في صحيح مسلم ومسند أحمد .

وهذه أسماء بنت أبي بكر الصديق قدمت عليها أمها

وهي مشركة في عهـد قريش

فقالت: يا رسول الله! إن أمي قدمت علي وهي راغبة، أفأصلها ؟

قال: "نعم صليها"

وفي القرآن ما يشير إلى ذلك

{ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }

(Cool سورة الممتحنة

فإن كان الأب مع كفـره مقاتلاً للمسلمين ،

ففي مثل هذا نتأسى بأبي عبيدة بن الجراح

أمين هذه الأمة حيث قتل أباه في ساحة الوغى


ماذا يفتقد الآباء بعد أن يكبر الأبناء

محمد رشيد عويد


عزيزي الأب هل أحسست بالغربة في بيتك ؟

هل شعرت بالوحد ة وقد امتد بك العمر فجاوزت الخمسين أو الستين أو السبعين ؟

الآباء ، وليس فقط الأمهات ، يفتقدون غياب أبنائهم عن البيت ،
هذا ما خلصت إليه دراسة بريطانية نشرت حديثاً .

ويقول عالم النفس البريطاني الدكتور إريك سيغمان في دراسته التي استطلع فيها 2000 من الأباء
أن 40% يشعرون بالوحدة والكآبة ،
ومع أن الآباء يفتقدون أبنائهم من الجنسين ،
إلا أنهم يعترفون أنهم يفتقدون بناتهم أكثر .

ويعلق الدكتور سيغمان قائلاً :

إن الآباء يقضون طيلة حياتهم في العمل خارج البيت وعندما يجيء الوقت لقضاء أوقاتهم في البيت " يبدأ الفراخ بمغادرة البيت ".

كيف عالج الإسلام معاناة هؤلاء الآباء ؟

كيف أوصي بهم أبناءهم ؟

كيف حث الأبناء على صلة آبائهم ووعدهم بالأجر الكبير عليها ؟

يقول سبحانه

(وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً*وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً)

.

يقول القرطبي رحمه الله في قوله سبحانه :

( إما يبلغن عندك الكبر)

خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر ،
فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل ،
لأنهما في هذه الحال قد صارا كلاً عليه ،
فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه ،
فذلك خص هذه الحالة بالذكر.

وأيضا فطول المكث للمرء يوجب الاستثقال للمرء عادة ،
ويحصل الملل ، ويكثر الضجر ، فيظهر غضبه على أبويه وتنتفخ لهما أوداجه ويستطيل عليهما
بدالة البنوة وقلة الديانة ،

وأقل المكروه ما يظهر بتنفسه المتردد من الضجر ،
وقد أمر أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة ،
وهو السالم من كل عيب فقال :

( فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما ، وقل لهما قولا كريما )

روى مسلم عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( رغم أنفه ، رغم أنفه ، رغم أنفه )

قيل من يا رسول الله ؟ قال : " من أدرك والديه عند الكبر ، أوأحدهما فلم يدخلاه الجنة ، ورغم أنف رجل دخل عليه
رمضان ثم انسل قبل أن يغفر له " .

وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" أحضروا المنبر "
فرقى في أول درجة منه قال : آمين ،
ثم رقى الثانية فقال : آمين ،
ثم لما رقى الثالثة قال : آمين ،
فلما فرغ ونزل من المنبر
قلنا يا رسول الله ،
لقد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه منك ؟
قال : " وسمعتموه " ؟
قلنا : نعم .
قال إن جبريل عليه السلام اعترض
قال : بعد أدرك رمضان فلم يغفر له فقلت آمين ،
فلما رقيت في الثانية قال :
بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك فقلت : آمين
قلما رقيت في الثالثة قال :
بعد من أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة ،
فقلت : آمين.
يقول القرطبي معلقاً :

فالسعيد الذي يبادر اغتنام فرصه برهما لئلا تقوته بموتهما فيندم على ذلك ،
والشقي من عقهما ، لاسيما من بلغه الأمر ببرهما .

هكذا يجعل الإسلام ثواب بر الأبوين الكبيرين ، أوأحدهما ،
ودخول الجنة ، فهل ثمة أعظم من هذا الأجر ؟

أليس علاج معاناة الآباء البريطانيين في الخبر الذي بدأت به كلامي هذا
هو في العمل بتوجيه هذا القرآن الكريم وأحاديث المصطفى عليه أفضل الصلاة والتسليم ؟ !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://lahne-almafarik1973.yoo7.com
 
الأبـــــــــــوة *ملف كامل*
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات لحن المفارق  :: منتديات الأسرة :: الحياة الأسرية-
انتقل الى: